بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصّلاة السّلام على المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أخي الحبيب: من المعلوم أن الزّواج من سنن المرسلين قال -تعالى-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}
[الرّعد: 38] وهو من نعم الله على عباده إذ يحصل به مصالح دينية ودنيوية،
فردية واجتماعية، مما جعله من الأمور المطلوبة شرعًا، قال الله: {وَأَنْكِحُوا
الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32]، وقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشّباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج» [رواه مسلم 1400].
-
ومن حق هذه النّعمة الشّكر، وألا تُتخذ وسيلة للوقوع فيما حرم الله. ومما
ينافي شكر هذه النّعمة وقوع كثير من المخالفات والمنكرات الّتي تتعلق بها
ابتداءً من مبدأ النّكاح نفسه، وانتهاء بوليمة العرس، غير أنّها تختلف
باختلاف الأزمان والأوطان. مما يحتم على كلّ مسلمٍ التّنبه لها والتّنبيه
عليها والقيام بما أمره الله -تعالى- به من الأمر بالمعروف والنّهي عن
المنكر.
- ونظرًا لكثرتها فيكتفي في هذه العجالة بعرض نُبَذِ منها. والله المسؤول أن يقينا شرورها.
مخالفات تتعلق بمبدأ الزّواج:
أولًا: العزوف عن الزّواج:
- فمن المنكرات العزوف عن الزّواج بدون عذر شرعي.
سُئل الشّيخ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله- عن من ترفض الزّواج بحجة الدّراسة.
فأجاب -حفظه الله- بقوله: حكم ذلك أنه خلاف أمر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- فإن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه» [رواه التّرمذي 1085 وقال الألباني: حسن لغيره]، وقال -صلّى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشّباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج» [رواه مسلم 1400].
-وفي
الامتناع عن الزّواج تفويت لمصالح الزّواج. فالّذي أنصح به إخواني
المسلمين من أولياء النّساء وأخواتي المسلمات من النّساء ألا يمتنعن عن
الزّّواج من أجل تكميل الدّراسة حتى تنتهي دراستها، وكذلك أن تبقى مدرسة
لمدة سنة أو سنتين ما دامت غير مشغولة بأولادها وهذا لا بأس به.
- على
أن كون المرأة تترقى في العلوم مما ليس لنا به حاجة أمر محتاج إلى نظر،
فالّذي أراه أن المرأة إذا أنهت المرحلة الابتدائية وصارت تعرف القراءة
والكتابة بحيث تنتفع بعلم هذا في قراءة كتاب الله وتفسيره وقراءة أحاديث
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وشرحها، فإن ذلك كافٍ، اللهمّ إلا أن تترقى
لعلوم لابد للنّاس منها كعلم الطب وما أشبهه، إذا لم يكن في دراستها شيءٌ
من محذور من اختلاط أو غيره" (أجوبة أسئلة مهمة).
ثانيًا: تأخير تزويج البنات والأخوات:
وفي هذه القضية المهمة كتب سماحة المفتي - يرحمه الله- قائلًا: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه هذا الكتاب من المسلمين، سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم وجعلنا جميعًا من حزبه المفلحين، آمين.
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فإن
الله -سبحانه وتعالى- قد أوجب على المسلمين التّعاون على البر والتّقوى
والتّناصح في الله والتّواصي بالحق والصّبر عليه ورتب على ذلك خير الدّنيا
والآخرة وصلاح الفرد والمجتمع والأمة، وقد بلغني أن كثيرًا من النّاس قد
يؤخرون تزويج مولياتهم من البنات والأخوات وغيرهنّ لأغراض غير شرعية كخدمة
أهلها في رعي أو غيره، وكذلك من يؤخر زواجها من أجل أن يأخذ بها زوجة له.
وتأخير زواج المولية لهذه الأسباب ونحوها من الأمور المحرمة ومن الظلم للموليات من البنات وغيرهن، قال -تعالى-: {وَأَنْكِحُوا
الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32]، والأيامى: جمع أيم، يقال ذلك للمرأة الّتي لا زوج لها وللرّجل الّذي لا زوجة له، يقال: امرأة أيم ورجل أيم.
- قال ابن عباس: رغّبهم الله في التّزويج وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى فقال: {وَأَنكِحُوا
الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32].
-وروى التّرمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»
[رواه التّرمذي 1084 وقال الألباني: حسن صحيح]، وروى التّرمذي أيضًا عن
أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-:
«إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا
تكن فتنةٌ في الأرض وفساد. قالوا: يا رسول الله! وإن كان فيه؟ قال: إذا
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. ثلاث مرات» [رواه التّرمذي وقال: حسن غريب، وقال الألباني: حسن لغيره].
وأسأل
الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن
يُعيذنا جميعًا من شرّ أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنّه جوادٌ كريمٌ"(مجلة البحوث 2/267 العدد الأول 1400هـ).
مخالفات في الخطوبة والعقد
أولًا: عدم تمكين الخاطب من الرّؤية الشّرعية:
- يقول الشّيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ:
"فالخاطب يُستحب له أن يرى ما يظهر غالبًا من المرأة كالوجه واليدين،
ويتأمل فيها وفي ما يدعوه إلى نكاحها لقول النّبيّ -صلّى الله عليه- وسلم
لمن عقد على امرأة أو أراد الزّواج: «انظر إليها» [رواه التّرمذي 1087 وصححه الألباني]. وروى أحمد بإسناد صحيح أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنّما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم» [صححه الألباني 9 في السّلسة الصّحيحة].
-
ولا يسوغ للرّجل أن ينظر لمن لم يرد خطبتها، وكذلك لا ينظر إليها في خلوةٍ
أو مع ترك الحشمة، إنما يُباح له النّّظر إليها مع عدم علمها أو مع علمها
وأهلها إذا كانت رؤيته لهذا ممكنة، وأما عرض الأهل بناتهنّ بحجة الخطبة
فهذا مما لا يسوغ ولا يفعله أهل الغيرة، وإنما يُباح النّظر لمن عُلم منه
الصّدق في الزّواج، أو بعد الخطبة، والله أعلم" (المنظار إلى بيان كثير من الأخطاء الشّائعة، ص 141، 142).
ثانيًا: الزّيادة في المهور بما لا يطاق:
- يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين:
والمشروع في المهر أن يكون قليلًا فكلما قل وتيسر فهو أفضل، اقتداءً
بالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وتحصيلًا للبركة، فإنّ أعظم النّكاح بركة
أيسره مؤونة، روى مسلم في صحيحه أن رجلًا قال للنّبيّ -صلّى الله عليه
وسلم-: «أنّي تزوجت امرأةً من الأنصار. فقال له
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار
شيئًا"، قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها؟"، قال: على أربع أواق
-يعني مائة وستين درهمًا-. فقال له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "على
أربع أواق؟ كأنّما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. ما عندنا ما نعطيك. ولكن
عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه» [رواه مسلم 1424]، وقال عمر -رضي الله عنه-:
"ألا لا تغالوا في صدقات النّساء، فإنّها لو كانت مكرمة في الدّنيا أو
تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وما أصدق
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أُصدقت امرأة من بناته
أكثر من اثنتى عشرة أوقية"، والأوقية: أربعون درهمًا.
- ولقد كان
تصاعد المهور في هذه السّنين له أثره السّيء في منع كثير من النّاس من
النّكاح رجالًا ونساءً، وصار الرّجل يمضي السّنوات الكثيرة قبل أن يحصل
المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها:
1- تعطل كثير من الرّجال والنّساء عن النّكاح.
2-
أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة، فالمهر عند كثير منهم:
هو ما يستفيدونه من الرّجل لامرأتهم، فإذا كان كثيرًا زوجوا ولم ينظروا
للعواقب، وإن كان قليلًا ردوا الزّوج، وإن كان مرضيًّا في دينه وخلقه!
3-
أنّه إذا ساءت العلاقة بين الزّوج والزّوجة، وكان المهر بهذا القدر الباهظ
فإنّه لا تسمح نفسه غالبًا بمفارقتها بإحسانٍ، بل يؤذيها ويتعبها لعلها
ترد شيئًا مما دفع إليها، ولو كان المهر قليلًا لهان عليه فراقها.
- ولو
أن النّاس اقتصدوا في المهر، وتعاونوا في ذلك، وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا
الأمر؛لحصل للمجتمع خيرٌ كثيرٌ، وراحةٌ كبيرةٌ، وتحصين كثير من الرّجال
والنّساء؛ ولكن مع الأسف أن النّاس صاروا يتبارون في السّبق إلى تصاعد
المهور وزيادتها، فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل، ولا ندري إلى
أي غاية ينتهون" (الزّواج، ص34-35).
ثالثًا: دبلة الخطوبة:
يلبس
الرّجال تشبهًا بأعداء الله دبلةً تُسمى: دبلة الخطوبة، وكثير من النّاس
يعتقد أن العقد مرتبط بهذه الدّبلة خاصة إذا كانت من الذّهب. وقد حُرّم لبس
الذّهب على الرّجال لأدلةٍ كثيرةٍ منها حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- رأى خاتمًا من ذهبٍ في يد رجلٍ فنزعه وطرحه وقال: «يعمد
أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله
-صلّى الله عليه وسلم-: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا. والله! لا آخذه أبدًا.
وقد طرحه رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-» [رواه مسلم 2090].
-يقول الشّيخ ناصر الدّين الألباني (في آداب الزّفاف ص 212)
ما نصه: "فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضًا؛ لأن هذه العادة سرت إلى
المسلمين من النّصارى، ويرجع ذلك إلى عادةٍ قديمةٍ لهم عندما كان العريس
يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الرّبّ، ثم ينقله
واضعًا له على رأس السّبابة ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى
ويقول: باسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعه أخيرًا في البنصر حتى
يستقر".
مخالفات في الأفراح والولائم:
أ- من منكرات الأفراح:
أولًا: التّشريعة عند الزّواج:
وهي
أن تلبس المرأة ثوبًا أبيضَ كبيرًا لا تستطيع المشي به حتى يحمله معها عدد
من النّساء أو الأولاد وتلبس معه شرابًا أبيضَ وقفازين أبيضين كذلك، ثم
توضع في مكان فسيح وعلى ملأ من النّاس، ثم يدخل عليها الزّوج ويسلم عليها
أمامهم ويعطيها التّحف والهدايا ويتبادل معها أطراف الحديث وربما شاركه في
هذا أقرباؤه وأصدقاؤه كما هو حاصل في بعض البلاد.
وفي هذا عدة محاذير منها:
- أن ذلك ليس من عادات المسلمين بل هو من عادات بعض الكافرين.
- كما أن فيه إسرافًا وبذخًا وفخفخةً ورياءً وسمعةً، والله -تعالى- يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
ثانيًا: المنصّة:
- وهو دخول العريس والعروس وجلوسهما في مكان عال بمرأى من جميع الحاضرين. - وفي هذا يقول الشّيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله-:
"ومن الأمور المنكرة الّتي استحدثها النّاس في هذا الزّمان وضع منصة
للعروس بين النّساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النّساء السّافرات المتبرجات،
وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرّجال، ولا يخفى على ذوي
الفطرة السّليمة والغيرة الدّينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير،
وتُمكِّن الرّجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك
من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسمًا لأسباب الفتنة
وصيانة للمجتمعات النّسائية مما يخالف الشّرع المطهر" (الرّسائل والأجوبة النّسائية، ص44).
ثالثًا: خروج النّساء متطيبات:
ومن
منكرات الأفراح خروج النّساء من بيوتهنّ متطيباتٍ، وهنّ في طريقهن إلى
العرس يتعرضنّ للمرور على الرّجال، وهذا بلا شك حرام. عن أبي موسى الأشعري
-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية» [رواه ابن خزيمة 1681 وحسنه الألباني].
رابعًا الاختلاط:
- يحدث الاختلاط عند دخول الزّوج وأقاربه وأقارب الزّوجة من الرّجال عند وقت النّصة، وهو كذلك منكرٌ، قال -صلّى الله عليه وسلم-: «إياكم والدّخول على النّساء. فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» [رواه البخاري 5232 ومسلم 2172]، الحمو هو أخو الزّوج.
-يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه اللهمبينًا
آثار هذا الاختلاط وما يجنيه فاعله من سلبيات: "أيّها المؤمنون! تصوروا
حال الزّوج وزوجته حينئذٍ أمام النّساء المتجملات المتطيبات ينظرنّ إلى
الزّوجين ليشمتن فيهما -إن كانا قبيحين في نظرهنّ- ولتتحرك كوامن غرائزهنّ
-إن كانا جميلين في نظرهنّ- تصوروا كيف تكون الحال والجمع الحاضر في غمرة
الفرح بالعرس وفي نشوة النّكاح؟ فبالله عليكم ماذا يكون من الفتنة؟ ستكون
فتنةٌ عظيمةٌ؛ ستتحرك الغرائز، وستثور الشّهوات.
أيّها المسلمون: ثم
تصوروا ثانيةً ماذا ستكون نظرة الزّوج إلى زوجته الجديدة الّتي امتلأ قلبه
فرحًا بها إذا شاهد في هؤلاء النّساء من تفوق زوجته جمالًا وشبابًا
وهيئةً؟ إن هذا الزّوج الّذي امتلأ قلبه فرحًا سوف يمتلئ قلبه غمًّا، وسوف
يهبط شغفه بزوجته إلى حدٍّ بعيدٍ فيكون ذلك صدمة وكارثة بينه وبين زوجته" (من منكرات الأفراح، ص.
خامسًا: التّصوير:
-يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين:
"فإنّي أضيف إلى ما سبق من المحاذير الّتي تقع ليلة الزفاف هذا المحذور
العظيم: لقد بلغنا: أن من النّساء من تصطحب آلة التّصوير لتلتقط صور هذا
الحفل، ولا أدري ما الّذي سوّغ لهؤلاء النّساء أن يلتقطنّ صور الحفل لتنشر
بين النّاس بقصدٍ أو بغير قصدٍ؟! أيظنّ أولئك الملتقطات للصّور أنّ أحدًا
يرضى بفعلهنّ؟! إنّي لا أظنّ أنّ أحدًا يرضى بفعل هؤلاء، إنّي لا أظنّ أنّ
أحدًا يرضى أن تُؤخذ صورة ابنته، أو صورة أخته، أو صورة زوجته، لتكون بين
أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئنّ متى ما أردنّ!!. هل يرضى أحدٌ
منكم أن تكون صورة محارمه بين أيدي النّاس، لتكون محلًا للسّخرية إن كانت
قبيحة، ومثالًا للفتنة إن كانت جميلة؟!.
- ولقد بلغنا: ما هو أفدح
وأقبح: أن بعض المعتدين يُحضرون آلة الفيديو ليلتقطوا صورة الحفل حيّةً
متحركةً، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التّمتع بالنّظر إلى
هذا المشهد!!
- ولقد بلغنا: أن بعض هؤلاء يكونون من الشّباب الذّكور في
بعض البلاد يختلطون بالنّساء أو يكونون منفردين، ولا يرتاب عاقلٌ عارفٌ
بمصادر الشّريعة ومواردها أنّ هذا أمرٌ منكرٌ ومحرمٌ، وأنّه انحدار إلى
الهاوية في تقاليد المتشبهين بهم" (من منكرات الأفراح، س 11).
ب- من منكرات الوليمة:
أولًا: دعوة الأغنياء وذوي الجاه، وترك الفقراء:
وهذا لا يجوز لقوله -صلّى الله عليه وسلم-: «شرّ الطعّام طعام الوليمة، يُدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدّعوة فقد عصى الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلم-» [رواه البخاري 5177]. وقال -صلّى الله عليه وسلم-: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقى» [رواه التّرمذي 2395 وأبو داود 4832 وحسنه الألباني].
ثانيًا: الإسراف والتّبذير مع ما يصحبه من مباهاةٍ:
- ولقد ذمّ الله الإسراف في اثنتين وعشرين آية من القرآن، وعاب فاعله، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]. وقال -عزّ وجلّ-: {يَا
بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
ثالثًا: إحضار المغنيين والمغنيات والأشرطة الّتي فيها غناءٌ وموسيقى واستخدام المكبرات:
-
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "إنّ بعض النّساء -ليلة الزّفاف- يجمع
المغنيات بأجورٍ كثيرةٍ؛ ليغنين. والغناء ليلة الزفاف ليس بمنكر، وإنما
المنكر الغناء الهابط المثير للشّهوة، الموجب للفتنة. وقد كان بعض المغنيات
يأخذنّ الأغاني المعروفة الّتي فيها إثارةٌ للشّهوات، وفيها إلهاب للغرام
والمحبة والعشق، ثم إن هناك محذورًا آخر يصحب هذا الغناء وهو ظهور أصوات
النّساء عالية في المكبر. فيسمع الرّجال أصواتهنّ ونغماتهنّ فيحصل بذلك
الفتنة لاسيما إن استمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل.
وعلاج هذا المنكر
أن يقتصر النّساء على الضّرب بالدّف وهو المغطى بالجلد من جانبٍ واحدٍ،
وعلى الأغاني الّتي تعبر عن الفرح والسّرور دون استعمال مكبر الصّوت فإنّ
الغناء في العرس والضّرب عليه بالدّف مما جاءت به السنة" (من منكرات الأفراح، ص5).
-وأخيرًا: تنبيه على عادتين جاهليتين:
الأولى: تهنئة الجاهلية:
- فمن العادات المنكرة تهنئة العروسين بقولهم: (بالرّفاء والبنين) يقول الدّكتور صالح السّدلان:
"وهذه الضّلالة الشّائنة والعادة السّيئة شاعت في عصر الجاهلية وهي تهنئة
جاهلية.. ولعل الحكمة في النّهي عن استعمال هذا الأسلوب في الدّعاء للمتزوج
بالرّفاء والبنين هي: مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية؛ لأنهم كانوا
يستعملون هذا الدّعاء، ولما فيه من الدّعاء للزّوج بالبنين دون البنات،
ولخلوه من الدّعاء للمتزوجين، ولأنّه ليس فيه ذكر اسم الله وحمده والثّناء
عليه.
وإنّما الوارد في السّنة أن يُقال للعروسين: "بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في الخير"" (الأحكام الفقهية للصداق ووليمة العرس، ص 112 بتصرف).
الثّانية: شهر العسل:
-شهر
العسل من العادات المنكرة والظّواهر السّيئة، وهو أن يصحب الزّوج زوجته
ويسافر بها قبل أو بعد الدّخول عليها إلى مدينة أو بلد آخر. وهو من عادات
الكفار، ويزيد هذا السفر قبحًا إذا كان إلى بلاد الكفار إذ يترتب عليه
مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزّوج والزّوجة معًا؛ إذ قد يتأثر الزّوج
بمظاهر الكفار من تبرج واختلاط وإباحية وشرب خمور وغيرها فيزهد في دينه
وعاداته الطّيبة، وتتأثر المرأة كذلك فتخلع تاج الحياء وتنجرف في تيار
الفساد. وليس قليلًا إذا قلنا إنّه من التّشبه بالكفار المنهي عنه شرعًا.
نسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شرّ هذه المنكرات ويهدينا جميعًا إلى سواء الصّراط وصلّى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضلاً :بعد قراءتك لهذه المطويّة الرجاء القيام بإعطائها للغير لتعمّ الفائدة المرجوّة بإذن الله
الحمد لله وكفى والصّلاة السّلام على المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أخي الحبيب: من المعلوم أن الزّواج من سنن المرسلين قال -تعالى-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}
[الرّعد: 38] وهو من نعم الله على عباده إذ يحصل به مصالح دينية ودنيوية،
فردية واجتماعية، مما جعله من الأمور المطلوبة شرعًا، قال الله: {وَأَنْكِحُوا
الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32]، وقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشّباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج» [رواه مسلم 1400].
-
ومن حق هذه النّعمة الشّكر، وألا تُتخذ وسيلة للوقوع فيما حرم الله. ومما
ينافي شكر هذه النّعمة وقوع كثير من المخالفات والمنكرات الّتي تتعلق بها
ابتداءً من مبدأ النّكاح نفسه، وانتهاء بوليمة العرس، غير أنّها تختلف
باختلاف الأزمان والأوطان. مما يحتم على كلّ مسلمٍ التّنبه لها والتّنبيه
عليها والقيام بما أمره الله -تعالى- به من الأمر بالمعروف والنّهي عن
المنكر.
- ونظرًا لكثرتها فيكتفي في هذه العجالة بعرض نُبَذِ منها. والله المسؤول أن يقينا شرورها.
مخالفات تتعلق بمبدأ الزّواج:
أولًا: العزوف عن الزّواج:
- فمن المنكرات العزوف عن الزّواج بدون عذر شرعي.
سُئل الشّيخ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله- عن من ترفض الزّواج بحجة الدّراسة.
فأجاب -حفظه الله- بقوله: حكم ذلك أنه خلاف أمر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- فإن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه» [رواه التّرمذي 1085 وقال الألباني: حسن لغيره]، وقال -صلّى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشّباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج» [رواه مسلم 1400].
-وفي
الامتناع عن الزّواج تفويت لمصالح الزّواج. فالّذي أنصح به إخواني
المسلمين من أولياء النّساء وأخواتي المسلمات من النّساء ألا يمتنعن عن
الزّّواج من أجل تكميل الدّراسة حتى تنتهي دراستها، وكذلك أن تبقى مدرسة
لمدة سنة أو سنتين ما دامت غير مشغولة بأولادها وهذا لا بأس به.
- على
أن كون المرأة تترقى في العلوم مما ليس لنا به حاجة أمر محتاج إلى نظر،
فالّذي أراه أن المرأة إذا أنهت المرحلة الابتدائية وصارت تعرف القراءة
والكتابة بحيث تنتفع بعلم هذا في قراءة كتاب الله وتفسيره وقراءة أحاديث
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وشرحها، فإن ذلك كافٍ، اللهمّ إلا أن تترقى
لعلوم لابد للنّاس منها كعلم الطب وما أشبهه، إذا لم يكن في دراستها شيءٌ
من محذور من اختلاط أو غيره" (أجوبة أسئلة مهمة).
ثانيًا: تأخير تزويج البنات والأخوات:
وفي هذه القضية المهمة كتب سماحة المفتي - يرحمه الله- قائلًا: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه هذا الكتاب من المسلمين، سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم وجعلنا جميعًا من حزبه المفلحين، آمين.
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فإن
الله -سبحانه وتعالى- قد أوجب على المسلمين التّعاون على البر والتّقوى
والتّناصح في الله والتّواصي بالحق والصّبر عليه ورتب على ذلك خير الدّنيا
والآخرة وصلاح الفرد والمجتمع والأمة، وقد بلغني أن كثيرًا من النّاس قد
يؤخرون تزويج مولياتهم من البنات والأخوات وغيرهنّ لأغراض غير شرعية كخدمة
أهلها في رعي أو غيره، وكذلك من يؤخر زواجها من أجل أن يأخذ بها زوجة له.
وتأخير زواج المولية لهذه الأسباب ونحوها من الأمور المحرمة ومن الظلم للموليات من البنات وغيرهن، قال -تعالى-: {وَأَنْكِحُوا
الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32]، والأيامى: جمع أيم، يقال ذلك للمرأة الّتي لا زوج لها وللرّجل الّذي لا زوجة له، يقال: امرأة أيم ورجل أيم.
- قال ابن عباس: رغّبهم الله في التّزويج وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى فقال: {وَأَنكِحُوا
الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن
يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ} [النّور: 32].
-وروى التّرمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»
[رواه التّرمذي 1084 وقال الألباني: حسن صحيح]، وروى التّرمذي أيضًا عن
أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-:
«إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا
تكن فتنةٌ في الأرض وفساد. قالوا: يا رسول الله! وإن كان فيه؟ قال: إذا
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. ثلاث مرات» [رواه التّرمذي وقال: حسن غريب، وقال الألباني: حسن لغيره].
وأسأل
الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن
يُعيذنا جميعًا من شرّ أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنّه جوادٌ كريمٌ"(مجلة البحوث 2/267 العدد الأول 1400هـ).
مخالفات في الخطوبة والعقد
أولًا: عدم تمكين الخاطب من الرّؤية الشّرعية:
- يقول الشّيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ:
"فالخاطب يُستحب له أن يرى ما يظهر غالبًا من المرأة كالوجه واليدين،
ويتأمل فيها وفي ما يدعوه إلى نكاحها لقول النّبيّ -صلّى الله عليه- وسلم
لمن عقد على امرأة أو أراد الزّواج: «انظر إليها» [رواه التّرمذي 1087 وصححه الألباني]. وروى أحمد بإسناد صحيح أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنّما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم» [صححه الألباني 9 في السّلسة الصّحيحة].
-
ولا يسوغ للرّجل أن ينظر لمن لم يرد خطبتها، وكذلك لا ينظر إليها في خلوةٍ
أو مع ترك الحشمة، إنما يُباح له النّّظر إليها مع عدم علمها أو مع علمها
وأهلها إذا كانت رؤيته لهذا ممكنة، وأما عرض الأهل بناتهنّ بحجة الخطبة
فهذا مما لا يسوغ ولا يفعله أهل الغيرة، وإنما يُباح النّظر لمن عُلم منه
الصّدق في الزّواج، أو بعد الخطبة، والله أعلم" (المنظار إلى بيان كثير من الأخطاء الشّائعة، ص 141، 142).
ثانيًا: الزّيادة في المهور بما لا يطاق:
- يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين:
والمشروع في المهر أن يكون قليلًا فكلما قل وتيسر فهو أفضل، اقتداءً
بالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وتحصيلًا للبركة، فإنّ أعظم النّكاح بركة
أيسره مؤونة، روى مسلم في صحيحه أن رجلًا قال للنّبيّ -صلّى الله عليه
وسلم-: «أنّي تزوجت امرأةً من الأنصار. فقال له
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار
شيئًا"، قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها؟"، قال: على أربع أواق
-يعني مائة وستين درهمًا-. فقال له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "على
أربع أواق؟ كأنّما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. ما عندنا ما نعطيك. ولكن
عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه» [رواه مسلم 1424]، وقال عمر -رضي الله عنه-:
"ألا لا تغالوا في صدقات النّساء، فإنّها لو كانت مكرمة في الدّنيا أو
تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وما أصدق
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أُصدقت امرأة من بناته
أكثر من اثنتى عشرة أوقية"، والأوقية: أربعون درهمًا.
- ولقد كان
تصاعد المهور في هذه السّنين له أثره السّيء في منع كثير من النّاس من
النّكاح رجالًا ونساءً، وصار الرّجل يمضي السّنوات الكثيرة قبل أن يحصل
المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها:
1- تعطل كثير من الرّجال والنّساء عن النّكاح.
2-
أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة، فالمهر عند كثير منهم:
هو ما يستفيدونه من الرّجل لامرأتهم، فإذا كان كثيرًا زوجوا ولم ينظروا
للعواقب، وإن كان قليلًا ردوا الزّوج، وإن كان مرضيًّا في دينه وخلقه!
3-
أنّه إذا ساءت العلاقة بين الزّوج والزّوجة، وكان المهر بهذا القدر الباهظ
فإنّه لا تسمح نفسه غالبًا بمفارقتها بإحسانٍ، بل يؤذيها ويتعبها لعلها
ترد شيئًا مما دفع إليها، ولو كان المهر قليلًا لهان عليه فراقها.
- ولو
أن النّاس اقتصدوا في المهر، وتعاونوا في ذلك، وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا
الأمر؛لحصل للمجتمع خيرٌ كثيرٌ، وراحةٌ كبيرةٌ، وتحصين كثير من الرّجال
والنّساء؛ ولكن مع الأسف أن النّاس صاروا يتبارون في السّبق إلى تصاعد
المهور وزيادتها، فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل، ولا ندري إلى
أي غاية ينتهون" (الزّواج، ص34-35).
ثالثًا: دبلة الخطوبة:
يلبس
الرّجال تشبهًا بأعداء الله دبلةً تُسمى: دبلة الخطوبة، وكثير من النّاس
يعتقد أن العقد مرتبط بهذه الدّبلة خاصة إذا كانت من الذّهب. وقد حُرّم لبس
الذّهب على الرّجال لأدلةٍ كثيرةٍ منها حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- رأى خاتمًا من ذهبٍ في يد رجلٍ فنزعه وطرحه وقال: «يعمد
أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله
-صلّى الله عليه وسلم-: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا. والله! لا آخذه أبدًا.
وقد طرحه رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-» [رواه مسلم 2090].
-يقول الشّيخ ناصر الدّين الألباني (في آداب الزّفاف ص 212)
ما نصه: "فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضًا؛ لأن هذه العادة سرت إلى
المسلمين من النّصارى، ويرجع ذلك إلى عادةٍ قديمةٍ لهم عندما كان العريس
يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الرّبّ، ثم ينقله
واضعًا له على رأس السّبابة ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى
ويقول: باسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعه أخيرًا في البنصر حتى
يستقر".
مخالفات في الأفراح والولائم:
أ- من منكرات الأفراح:
أولًا: التّشريعة عند الزّواج:
وهي
أن تلبس المرأة ثوبًا أبيضَ كبيرًا لا تستطيع المشي به حتى يحمله معها عدد
من النّساء أو الأولاد وتلبس معه شرابًا أبيضَ وقفازين أبيضين كذلك، ثم
توضع في مكان فسيح وعلى ملأ من النّاس، ثم يدخل عليها الزّوج ويسلم عليها
أمامهم ويعطيها التّحف والهدايا ويتبادل معها أطراف الحديث وربما شاركه في
هذا أقرباؤه وأصدقاؤه كما هو حاصل في بعض البلاد.
وفي هذا عدة محاذير منها:
- أن ذلك ليس من عادات المسلمين بل هو من عادات بعض الكافرين.
- كما أن فيه إسرافًا وبذخًا وفخفخةً ورياءً وسمعةً، والله -تعالى- يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
ثانيًا: المنصّة:
- وهو دخول العريس والعروس وجلوسهما في مكان عال بمرأى من جميع الحاضرين. - وفي هذا يقول الشّيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله-:
"ومن الأمور المنكرة الّتي استحدثها النّاس في هذا الزّمان وضع منصة
للعروس بين النّساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النّساء السّافرات المتبرجات،
وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرّجال، ولا يخفى على ذوي
الفطرة السّليمة والغيرة الدّينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير،
وتُمكِّن الرّجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك
من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسمًا لأسباب الفتنة
وصيانة للمجتمعات النّسائية مما يخالف الشّرع المطهر" (الرّسائل والأجوبة النّسائية، ص44).
ثالثًا: خروج النّساء متطيبات:
ومن
منكرات الأفراح خروج النّساء من بيوتهنّ متطيباتٍ، وهنّ في طريقهن إلى
العرس يتعرضنّ للمرور على الرّجال، وهذا بلا شك حرام. عن أبي موسى الأشعري
-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية» [رواه ابن خزيمة 1681 وحسنه الألباني].
رابعًا الاختلاط:
- يحدث الاختلاط عند دخول الزّوج وأقاربه وأقارب الزّوجة من الرّجال عند وقت النّصة، وهو كذلك منكرٌ، قال -صلّى الله عليه وسلم-: «إياكم والدّخول على النّساء. فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» [رواه البخاري 5232 ومسلم 2172]، الحمو هو أخو الزّوج.
-يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه اللهمبينًا
آثار هذا الاختلاط وما يجنيه فاعله من سلبيات: "أيّها المؤمنون! تصوروا
حال الزّوج وزوجته حينئذٍ أمام النّساء المتجملات المتطيبات ينظرنّ إلى
الزّوجين ليشمتن فيهما -إن كانا قبيحين في نظرهنّ- ولتتحرك كوامن غرائزهنّ
-إن كانا جميلين في نظرهنّ- تصوروا كيف تكون الحال والجمع الحاضر في غمرة
الفرح بالعرس وفي نشوة النّكاح؟ فبالله عليكم ماذا يكون من الفتنة؟ ستكون
فتنةٌ عظيمةٌ؛ ستتحرك الغرائز، وستثور الشّهوات.
أيّها المسلمون: ثم
تصوروا ثانيةً ماذا ستكون نظرة الزّوج إلى زوجته الجديدة الّتي امتلأ قلبه
فرحًا بها إذا شاهد في هؤلاء النّساء من تفوق زوجته جمالًا وشبابًا
وهيئةً؟ إن هذا الزّوج الّذي امتلأ قلبه فرحًا سوف يمتلئ قلبه غمًّا، وسوف
يهبط شغفه بزوجته إلى حدٍّ بعيدٍ فيكون ذلك صدمة وكارثة بينه وبين زوجته" (من منكرات الأفراح، ص.
خامسًا: التّصوير:
-يقول الشّيخ محمد بن صالح العثيمين:
"فإنّي أضيف إلى ما سبق من المحاذير الّتي تقع ليلة الزفاف هذا المحذور
العظيم: لقد بلغنا: أن من النّساء من تصطحب آلة التّصوير لتلتقط صور هذا
الحفل، ولا أدري ما الّذي سوّغ لهؤلاء النّساء أن يلتقطنّ صور الحفل لتنشر
بين النّاس بقصدٍ أو بغير قصدٍ؟! أيظنّ أولئك الملتقطات للصّور أنّ أحدًا
يرضى بفعلهنّ؟! إنّي لا أظنّ أنّ أحدًا يرضى بفعل هؤلاء، إنّي لا أظنّ أنّ
أحدًا يرضى أن تُؤخذ صورة ابنته، أو صورة أخته، أو صورة زوجته، لتكون بين
أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئنّ متى ما أردنّ!!. هل يرضى أحدٌ
منكم أن تكون صورة محارمه بين أيدي النّاس، لتكون محلًا للسّخرية إن كانت
قبيحة، ومثالًا للفتنة إن كانت جميلة؟!.
- ولقد بلغنا: ما هو أفدح
وأقبح: أن بعض المعتدين يُحضرون آلة الفيديو ليلتقطوا صورة الحفل حيّةً
متحركةً، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التّمتع بالنّظر إلى
هذا المشهد!!
- ولقد بلغنا: أن بعض هؤلاء يكونون من الشّباب الذّكور في
بعض البلاد يختلطون بالنّساء أو يكونون منفردين، ولا يرتاب عاقلٌ عارفٌ
بمصادر الشّريعة ومواردها أنّ هذا أمرٌ منكرٌ ومحرمٌ، وأنّه انحدار إلى
الهاوية في تقاليد المتشبهين بهم" (من منكرات الأفراح، س 11).
ب- من منكرات الوليمة:
أولًا: دعوة الأغنياء وذوي الجاه، وترك الفقراء:
وهذا لا يجوز لقوله -صلّى الله عليه وسلم-: «شرّ الطعّام طعام الوليمة، يُدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدّعوة فقد عصى الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلم-» [رواه البخاري 5177]. وقال -صلّى الله عليه وسلم-: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقى» [رواه التّرمذي 2395 وأبو داود 4832 وحسنه الألباني].
ثانيًا: الإسراف والتّبذير مع ما يصحبه من مباهاةٍ:
- ولقد ذمّ الله الإسراف في اثنتين وعشرين آية من القرآن، وعاب فاعله، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]. وقال -عزّ وجلّ-: {يَا
بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
ثالثًا: إحضار المغنيين والمغنيات والأشرطة الّتي فيها غناءٌ وموسيقى واستخدام المكبرات:
-
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "إنّ بعض النّساء -ليلة الزّفاف- يجمع
المغنيات بأجورٍ كثيرةٍ؛ ليغنين. والغناء ليلة الزفاف ليس بمنكر، وإنما
المنكر الغناء الهابط المثير للشّهوة، الموجب للفتنة. وقد كان بعض المغنيات
يأخذنّ الأغاني المعروفة الّتي فيها إثارةٌ للشّهوات، وفيها إلهاب للغرام
والمحبة والعشق، ثم إن هناك محذورًا آخر يصحب هذا الغناء وهو ظهور أصوات
النّساء عالية في المكبر. فيسمع الرّجال أصواتهنّ ونغماتهنّ فيحصل بذلك
الفتنة لاسيما إن استمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل.
وعلاج هذا المنكر
أن يقتصر النّساء على الضّرب بالدّف وهو المغطى بالجلد من جانبٍ واحدٍ،
وعلى الأغاني الّتي تعبر عن الفرح والسّرور دون استعمال مكبر الصّوت فإنّ
الغناء في العرس والضّرب عليه بالدّف مما جاءت به السنة" (من منكرات الأفراح، ص5).
-وأخيرًا: تنبيه على عادتين جاهليتين:
الأولى: تهنئة الجاهلية:
- فمن العادات المنكرة تهنئة العروسين بقولهم: (بالرّفاء والبنين) يقول الدّكتور صالح السّدلان:
"وهذه الضّلالة الشّائنة والعادة السّيئة شاعت في عصر الجاهلية وهي تهنئة
جاهلية.. ولعل الحكمة في النّهي عن استعمال هذا الأسلوب في الدّعاء للمتزوج
بالرّفاء والبنين هي: مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية؛ لأنهم كانوا
يستعملون هذا الدّعاء، ولما فيه من الدّعاء للزّوج بالبنين دون البنات،
ولخلوه من الدّعاء للمتزوجين، ولأنّه ليس فيه ذكر اسم الله وحمده والثّناء
عليه.
وإنّما الوارد في السّنة أن يُقال للعروسين: "بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في الخير"" (الأحكام الفقهية للصداق ووليمة العرس، ص 112 بتصرف).
الثّانية: شهر العسل:
-شهر
العسل من العادات المنكرة والظّواهر السّيئة، وهو أن يصحب الزّوج زوجته
ويسافر بها قبل أو بعد الدّخول عليها إلى مدينة أو بلد آخر. وهو من عادات
الكفار، ويزيد هذا السفر قبحًا إذا كان إلى بلاد الكفار إذ يترتب عليه
مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزّوج والزّوجة معًا؛ إذ قد يتأثر الزّوج
بمظاهر الكفار من تبرج واختلاط وإباحية وشرب خمور وغيرها فيزهد في دينه
وعاداته الطّيبة، وتتأثر المرأة كذلك فتخلع تاج الحياء وتنجرف في تيار
الفساد. وليس قليلًا إذا قلنا إنّه من التّشبه بالكفار المنهي عنه شرعًا.
نسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شرّ هذه المنكرات ويهدينا جميعًا إلى سواء الصّراط وصلّى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضلاً :بعد قراءتك لهذه المطويّة الرجاء القيام بإعطائها للغير لتعمّ الفائدة المرجوّة بإذن الله